تشهد الآثار المصرية رواجًا كبير في مختلف العواصم العالمية، ولاسيما معارض الآثار الغارقة التي تجوب العالم والتي كان آخرها معرض “أزوريس.. أسرار مصر الغارقة”، والذي افتتحه منذ أيام الدكتور خالد العناني وزير الآثار، بمتحف رايتبرج بمدينة زيورخ السويسرية، بحضور السفير هشام سيف الدين، وسفير مصر بسويسرا، وألبرت لودز مدير متحف رايتبرج، والأثري فرانك جوديو مدير المعهد الأوروبي للآثار الغارقة، ومدير البعثة الأثرية المصرية الفرنسية للآثار الغارقة، إضافة إلى الوفد المصري المرافق للوزير. وأكد العناني في تصريحات له، أن المعرض تجول في 3 دول أوروبية هي انجلترا، وفرنسا، إلى أن أستقر في سويسرا، مؤكدًا أن بعض الآثار التي يتم عرضها بالمعرض كانت بالمخازن ولم يرها احد من قبل، مؤكدًا أن خروج الآثار من المخازن المصرية إلى الخارج يخضع لرقابة وتأمين على أعلى مستوى.
ولاقى المعرض الذي يستمر لستة أشهر بمتحف ريتبرج، وذلك ضمن جولة أوروبية بدأت بالعاصمة الفرنسية باريس، حفاوة خاصة حيث تم الترويج له من خلال العديد من اللافتات بالمدينة، نظرًا لقيمة وفرادة القطع الأثرية التي يضمها، والتي تتمثل في 293 قطعة أثرية مصرية، استخرج أغلبها من ميناء أبوقير الشرقي بالإسكندرية، أهمها العجل أبيس ورأس “أدريان”، وتمثال أفروديت وثلاثة تماثيل عِمْلاقة للمعبودة أوزوريس وأحد ملوك العصر البطلمى تصل أوزانها إلى 12 طنًا. وفي لفتة ترويجية للتعريف بالثقافة المصرية بشكل عام، والحضارة الفرعونية بشكل خاص، ولجزب أكبر عدد من الزوار للمعرض، أكد ألبرت لوتز، مدير المتحف، أنه تم تقديم الطعام المصرى الشعبي “الكشرى”،للزوار.
ويعود حلم اكتشاف آثار غارقة تحت الماء إلى أوائل القرن العشرين، منذ عام 1910، حيث كان مهندس الموانئ الفرنسي “جونديه” مكلفًا بإجراء توسعات في ميناء الإسكندرية الغربي حيث اكتشف منشآت تحت الماء تشبه أرصفة المواني غرب جزيرة فاروس، وفي عام 1933 لعبت الصدفة دورًا في اكتشاف أول موقع للآثار الغارقة في مصر، وذلك في خليج أبي قير شرقي الإسكندرية، وكان مكتشفه طيار من السلاح البريطاني، وقد أبلغ الأمير “عمر طوسون” الذي كان معروفًا بحبه للآثار وكان عضوًا بمجلس إدارة جمعية الآثار الملكية بالإسكندرية في ذلك الوقت، وقد قام الأمير بتمويل عملية البحث والانتشال التي أخرجت رأسًا من الرخام للإسكندر الأكبر محفوظة الآن بالمتحف اليوناني الروماني بالاسكندرية.
وفي ستينيات القرن الماضي وضع كامل أبو السعادات أحد محترفي الغوص ومحبي الآثار، خريطتين للآثار الغارقة، الأولى للميناء الشرقي، والثانية فكانت لخليج أبى قير، وقد شارك أيضًا مع البحرية في انتشال بعض مكتشفاته من موقع الفنار في أبريل ونوفمبر من عام 1962 على التوالي، وانتهت هذه المحاولات بأكبر الأعمال في منتصف الثمانينيات، حيث قامت البحرية الفرنسية بالتعاون مع هيئة الآثار بدراسة موقع غرق أسطول نابليون وانتشال بعض مخلفاته. كما تم تحديد موقع السفينة “باتريوت”.
ومع بداية التسعينيات توافدت البعثات الأجنبية المهتمة، وبدأت العمل في البحث والتنقيب عن الآثار الغارقة في مصر، ويعد موقع قلعة “قايتباي” من أهم مواقع تلك الآثار، وتبلغ مساحته 22500 متر مربع ويحتوي على أكثر من 3000 قطعة أثرية معمارية.
وفي عام 1992 قام المعهد الأوروبي للآثار البحرية بأول عملية مسح شامل للتراث الأثرى بموقع الميناء الشرقي. واستطاعت البعثة تحقيق إنجاز علمي برسم خريطة طبوغرافية علمية دقيقة لمواقع الآثار الغارقة للميناء الشرقي. وقد أكدت أعمال المسح والحفائر وجود موانئ عديدة داخل الميناء الشرقي.
ولم يكن معرض “أزوريس.. أسرار مصر الغارقة” هو الأول الذي تُشارك به مصر في عدد من دول العالم، حيث أقيم معرض في مدينة برلين بألمانيا في مايو 2006، ومعرض بباريس في ديسمبر 2006، ومعرض في مدينة بون الألمانية في إبريل 2007، وفي تورينو إيطاليا في فبراير 2009، كما سافرت بعض القطع ضمن معرض أقيم في مدينة يوكوهاما اليابانية في يونيو 2009، إضافة إلى عدد من المعارض في الولايات المتحدة الأمريكية ما بين عامي 2010 و2012، ويعد أشهر هذه المعارض، معرض “عصر بناة الأهرام” والذي أقيم بمدينة كيوتو اليابانية في الفترة من سبتمر وحتى ديسمبر 2016، والذي بدأ رحلته باليابان بالعاصمة اليابانية طوكيو وانتقل بعدها لمدينة ماتسوياما ثم سنداي ثم كاجوشيما ثم كيوتو. لتبقى كنوز مصر الغارقة شاهدًا على تاريخ مصر وحضارتها رغم ما قضته من سنوات في قاع البحار والتي لم تزدها إلى جمالًا وروعة.
المصدر : www.albawabhnews.com